قصّة الرّافعة والسّائق المُتَهوِّر
في أَحَدِ مَشاريعِ بِناءِ الْأَبْراجِ، يَعْمَلُ الْبَنّاءُ (بدر) عَلى رافِعَةٍ عالِيَةٍ، يَجْلِسُ في غُرْفَةِ التَّحَكُّمِ في أَعْلى نُقْطَةٍ فيها؛ لِيَكْشِفَ مَوْقِعَ الْبِنَاءِ، وَلِيَتَحَكَّمَ بِأَزْرارِها بِدِقَّةٍ كَبيرَةٍ، فَيُوْصِلُ مَوادَّ الْبِناءِ إلى أَعْلى الْبُرْجِ بِدِقَّةٍ وَيُسْرٍ.
وَذات يَوْمٍ.. كانَ (بدر) يَرْفَعُ حَديدَ الْبِناءِ إِلى الطّابِقِ الثَّلاثينَ، وَكانَتْ هُناكَ شاحِنَةٌ تَسيرُ بِالْقُرْبِ من الرّافِعَةِ، وَكانَ سائِقُها يَسْتَخْدِمُ جَوّالَهُ، فَلَمْ يَنْتَبِهْ لِوُجودِ رافِعَةِ (بدر) أَمامَهُ، فَصَدَمت الشَّاحِنَةُ قاعِدَةَ الرّافِعَةِ بِقُوَّةٍ، وَلَمْ يُصَب السّائِقُ بِأَيِّ أَذًى، لكِنَّ الرَّافِعَةَ اهْـتَـزَّتْ بِشِدَّةٍ، وَمالَتْ قَليلًا، وعَلِقَ (بدر) في أَعْلاها، وَلَمْ يَسْتَطِع النُّزولَ؛ لِأنَّ الْمصْعَدَ قَدْ تَعَطَّلَ.
جاءَتْ سَيّاراتُ الْإِسْعافِ وَالدِّفاعِ الْمَدَنِيِّ، لكِنَّ رِجالَ الْإِنْقاذِ لَمْ يَتَمَكَّنوا مِنْ تَسَلُّقِ الرّافِعَةِ؛ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَسْقُطَ.
وَبَعْدَ لَحظاتٍ.. وَصَلَتْ مِرْوَحِيَّةُ الْإِنْقاذِ، وَاقْتَرَبَتْ مِن الرَّافِعَةِ، وَأَنْزَلَ رِجالُ الْإنقاذِ مِنْها حَبْلًا طَويلًا، فَحاوَلَ (بدر) أَنْ يَـتَـشَبَّثَ وَيُمْسِكَ بِالْحَبْلِ، إِلّا أَنَّ الرَّافِعَةَ اهْـتَـزَّتْ كَثيرًا مِنْ شِدَّةِ الرِّياحِ، فَـقَـرَّرَ الطَّيّارُ الابْتِعادَ؛ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَهْتَـزَّ أَكْثَـرَ وَتَسْقُطَ.
فَكَّرَ رِجالُ الْإِنْقاذِ في طَريقَةٍ لِإِنْزالِ (بدر) مِنَ الْأَعْلى، فَأَحْضَروا رافِعَةً صَغيرَةً سَنَدَتِ الرّافِعَةَ الْكَبيرَةَ، ثُمَّ أَصْلَحَ عُمّالُ الصِّيانَةِ الْمصْعَدَ، وَرَكِبَ (بدر) الْمصْعَدَ بِحَذَرٍ، وَنَزَلَ بِبُطْءٍ إِلى قاعِدَةِ الرّافِعَةِ، وَعِنْدما وَصَلَ إِلى قاعِدَتِها، قَـفَـزَ عَلى الْأَرْضِ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ، وَصَفَّقَ الْجَميعُ فَرَحًا بِنَجاتِهِ.
اقرأ المزيد:
قصة ماذا في الصندوق؟ كيف أقرأ قصة لطفلي؟ ، 10 طرق لتطوير قراءة طفلي
شارك هذه المادة