أعمال الطلاب الكنز المجهول
الكثير من الآباء والمعلمين يشعرون بالإحباط عند عجز ابنهم أو طالبهم عن القيام بمهمة أكاديمية ككتابة موضوع تعبير أو قراءة نص..، ويعتقد الكثير منهم أن تكرار المهمة قد يساعد الطالب على إتقانها، لكن الكثير من الطلاب يفشلون مرة تلو الأخرى، فيكتسبون مزيدًا من مشاعر الإحباط دون إظهار أي تحسن يذكر.
يأتي البحث هنا عن حلول تمكنهم من تعلم وإتقان المهارات الأكاديمية المتعددة، لذا سنقدم في هذا المقال طريقة مهمة من طرق تدريس الطلاب ذوي صعوبات التعلم يغفل الكثير عن استخدامها بالرغم من سهولتها، وهي “دراسة وتحليل أعمال الطلاب”.
يعبر الطلاب عن تعلمهم من خلال العديد من الأشكال، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
الإجابات الشفهية أثناء الدرس، الأعمال الكتابية المتعددة قصيرة كانت أم طويلة، هذه الأعمال يمكن عند دراستها وتحليلها الحصول على معلومات لا تقدر بثمن تساعد الطالب على التعلم من خلال تغيير أسلوب التدريس.
فعلى سبيل المثال.. إذا أوكلت مهمة للطالب لكتابة فقرة مكونة من 40 كلمة تتحدث عن أهمية الزراعة في الحياة، عندما ينتهي الطالب من أداء المهمة، نفحصها ونخضعها للمعايير المطلوبة، ونحاول الإجابة على عدة أسئلة، مثل:
• هل كتب الطالب العدد المطلوب من الكلمات؟
• هل استخدم أفكارًا تعبر عن موضوع الزراعة، كالفوائد الاقتصادية..؟
• هل أفكار مترابطة؟
• هل قدم أمثلة داعمة؟
• هل استخدم مفردات تعبر عن فوائد الزراعة كـ (المحاصيل، الغذاء، المزارعون..)؟
• هل استخدم علامات الترقيم؟
• وهل.. وهل..
يتم تفحص أعمال الطالب، بحيث يتمكن المعلم من اكتشاف تفاصيل محددة لقدراته، بالتالي يضع أهدافًا خاصة بأداء المتعلم ويدربه على ما لا يستطيع القيام به.
قد يستطيع طالب كتابة الفقرة، لكن المفردات تكون محدودة، أو أن أفكاره غير مترابطة، أما طالب آخر فقد يستطيع كتابة سطر واحد فقط عن الموضوع، وهنا يلزم تدريبه على إنتاج أفكار إضافية، واستخدام مفردات محددة عن الموضوع، وتقديم أمثلة داعمة لأفكاره، واستخدام علامات ترقيم..
وإذا أردنا تحليل عينة إملائية لأحد الطلاب، فإننا نستطيع النظر بداية إلى نقاط قوته وإلى طبيعة الكلمات التي تمكّنَ من كتابتها، وفي المقابل يجب رصد طبيعة الأخطاء الإملائية لديه، وهنا يمكن طرح مجموعة من الأسئلة التي يمكن أن تساعدنا في إجراء تدريب موجه يستهدف مهارات محددة:
• ما الحروف التي يكتبها الطالب بسهولة ويسر؟
• هل يرسم الحروف بالطريقة الصحيحة؟
• ما طبيعة التكرار في أخطاء الطالب؟ مثلًا.. يكتب جميع الكلمات المنونة على أنها نون. ففي حال وجود أخطاء على مستوى كتابة الحروف، فهل هذه الأخطاء تعكس ضعفًا في (التمييز السمعي)؟ مثل كتابة كلمة “سوق” على أنها “صوق”، فمثل هذا الخطأ يعكس مشكلة في تعلم أصوات الحروف. أم أن الأخطاء تعكس مشكلة في (التمييز البصري)، ككتابة كلمة “سوق” على أنها كلمة “شوق”؟
• هل حجم الكلمات متناسق ضمن فضاء الصفحة؟
• هل يكتب من ذاكرته البصرية للكلمات؟ أم أنه يجري تحليلًا صوتيًّا وتهجئة للكلمة أثناء الإملاء؟ فالكثير من الطلاب يجيدون كتابة الكلمات المألوفة على الرغم من شدة صعوبتها مقارنة بكلمات أخرى؛ ويعود السبب في ذلك إلى اعتماهم على الذاكرة البصرية للكلمات دون إجراء تحليل وتهجئة سمعية للكلمة.
فمثلًا.. يستطيع أحد الطلاب كتابة كلمة “مدرسة” وكتابة “بسم الله الرحمن الرحيم” و”المكتبة”، إلا أنه يخطئ في كتابة كلمات أقل تعقيدًا، مثل “حاتم”، فقد يكتبها “حتم” أو “حاتيم”.
يمكن جمع معلومات إضافية أثناء أداء الطالب للمهمة، فيمكن ملاحظة سرعة كتابته، بالإضافة إلى مستوى الانتباه..
إن التأمل بأعمال وعينات الطالب يوجه المعلم نحو مناطق من الممكن أنه لم ينتبه إليها من قبل، ويجعل من عملية التعليم عملية ديناميكية تفاعلية، والأهم من تحليل أعمال الطلاب ومن جمع معلومات عما يستطيع وما لا يستطيع القيام به هو أن تستخدم هذه المعلومات لإجراء تعديلات في طريقة تدريس المهارة مبنية على احتياجاته، فأعمال الطلاب كنز ثمين لمن أراد الاستفادة منه.
قرأ أيضًا:
استراتيجية تحليل المهام، التقييم المستند إلى المنهج، الخدمات التعليمية لذوي صعوبات التعلم، التقييم المستمر (10 طرق)
شارك هذه المادة